قبل أن نبدأ الحديث عن المغول وعن حملتهم المفاجئة والعنيفة ، فلا بد من توطئة تاريخية نرى فيها أرضية الأمور بصدق ونظرة فاحصة وفيها حق وحقيقة .
فالمغول هم قوم يُعّدون من الشعوب التركية ، وقد كان قسم كبير من هذه الشعوب التركية قد دخل في الإسلام وقد صار من أشد المناصرين له والمحبين .
وللحقيقة وللتاريخ وللح والواقع فإنه ومتى علم الناس بأمر هذا الدين العظيم وكنهه ورحمته للناس ورغبته الخير لهم في الدنيا والآخرة فيرغبون به اشد الرغبة ويصيرون جنودا مخلصين لله ورسوله ودينه ، وهذا يقع مع كثير من الناس وحتى يومنا هذا ، وكم من أهل الغرب قد كان معاديا للاسلام فصار من أشد مناصريه ، جزاهم الله خيرا .
وقد كان المسلمون في العقود الأولى من الهجرة قد سيطروا على بلاد واسعة من بلاد ما وراء النهر ، وقبل أن يكمل مئة عام على الهجرة كان المسلمين قد وصلوا صور الصين العظيم ودخلوا مدينة كاشغر الي تقع شمال غربي الصين ، وكان هذا على يد القائد المسلم العظيم قتيبة بن مسلم الباهلي ، وبدأ قتيبة فتوحاته عام 86 هجرية، وبعدماما ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي ولاية خراسان وهو إقليم شاسع مترامى الأطراف ، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده.
وعمل قتيبة بن مسلم على نفس خطة آل المهلب، بالضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقت للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين ،وزيادة على ذلك فكان يضع خططا طويلة الأمد . قد فتح قتيبة طخارستان السفلى فاستعادها وذلك سنة 86 هجرية ، وطخارستان السفلى هي الآن جزء من أفغانستان وباكستان.
وقاد فيها حملته الكبرى على اكثرها سكانا وأمنعها حصوناً .
واستمرت فتوحاته من سنة 91- 93 هجرية، وفيها تمكن 'قتيبة' من نشر الإسلام وتثبيته في وادى نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم 'سجستان' في إيران الآن، وإقليم خوارزم (يوجد الآن بين دول إيران وباكستان وأفغانستان) ، ووصلت فتوحاته إلى مدينة 'سمرقند' في قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائياً .
وفي سنتي 94-96 هجرية، أتم قتيبة فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة كاشغر وجعلها قاعدة إسلامية وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش إسلامية في آسيا شرقا ولم يصل أحد من المسلمين أبعد من ذلك قط .
ولا ننسى التواصل بين المسلمين وبين حاكم الصين آنذاك ، فقد وصل دين الله ودعوته إلى تلك الاصقاع منذ القرن الأول الهجري ، وكان هذا بمثابة معجزة وبلاغ عظيم للناس .
وقد كان لدعاة من المسلمين وتجارهم دعوة ونشاط في تلك البلاد ، وكانت التجارة الاسلامية وبضاعتها رائجة ومشهورة . وعندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامي في الشرق كان هناك عرقان من البشر تسكن في هذه المنطقة ، القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية ، وكان نهر المرغاب هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين ، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عدداً وأوسع انتشاراً منهم الأتراك الغزية والأتراك القراخطاى والأتراك القوقازيين والأتراك الأيجوروالأتراك البلغار والأتراك المغول . وكان لفتح قتيبة أثر كبير في إدخال الأتراك شرقي نهر المرغاب وفى بلاد ما وراء النهر في الإسلام .
وبقي حال تلك البلاد على ما هو عليه طول فترة حكم الأمويين ، ثم جاءت الخلافة العباسية والتي استعانت باالاقوام المسلمة على تولي مناطق من بلاد المسلمين تحت حكمهم وحسن دينهم ، فكان الغزنويين والذين هم من غزنة وهي بلدة تقع جنوب غرب كابول ، فتوسعوا في السند والهند في الجنوب الشرقي من الدولة الاسلامية ، ثم تلاهم الغوريين والذين أكملوا فتوحات الغزنويين
ولكالمسلمين قد خسروا مناطق اسلامية ومنها بخارى للدولة القرطاخيةالتي نشأت قبل غزو المغول ، وفي وقت نشوء الدولة الخوارزمية .
والدولة القرةطاخية هي ذات منشا من قوم رحلوا من شمال الصين وتحالفوا مع قسم من المغول وكوّنوا الدولة القرةطاخية ، وهي دولة ذات عقيدة بوذية مشركة .
وفي بداية حكم الخوارزميون فقد آثروا دفع الجزية للقرطاخيين ، وهذا وحتى يستتب لهم الوضع في المناطق المسلمة التي تحت حكمهم .
وتمكن الخوارزميون من السيطرة على باقي الأراضي الغزنوية ومدن خراسان مثل بلخ ، وتمكن السلطان محمد من هزيمة بواقي الدولة الغورية ، وافتتاح عاصمتهم غزنة سنة 609 هـ .
وفي سنة 611 هـ، تمكن من التوسع شرقًا إلى شمال السند ثم الهند .
وعندما وصل السلطان محمد إلى القدرة والتمكين فرفض أن يدفع الجزية للدولة القرةطاخية المشركة ، واشتبك جيشه ثلاثة مرات مع القره خطائيين ، وتمكن من إخراجهم من بلاد ما وراء النهر سنة 607 هـ .
وتمكن من فتح بخارى وسمرقند بمساعدة كشلو خان زعيم قبائل نايمان ، وسعى السلطان محمد الخوارزمي إلى مهاجمة دار الخلافة نفسها ، ولكن قدرة الله تعالى والعواصف الثلجية منعت من السلطان محمد من تحقيق هدفه هذا .
وفي هذه الاثناء كثر عدد القبائل المغولية ، فسعت إلى تأسيس دولة لهم وكيان معرّف .
وكان تيموجين (جنكيز خان) يؤسس دولة المغول والتتار على نسق الدول التي كانت تتكون في هذه السهوب والشعوب المتفرقة .
ووضع تيموجين دستورا لدولته الناشئة(االياسا)وهو مكون من عدة عقائد ومنها العقيدة الاسلامية ، وحتى الكتابة المغولية فنرى فيها الأثر الكبير من الخط والكتابة العربية ، وكان لجنكيز خان مسشارين وموظفين وتجار مسلمين .
فأثر الاسلام كان عظيما وفي كل شعوب العالم المجاورة وقد بلغ صيتهم الصين وما والاها .
وقد ذكرنا أن دين الله ودعوته قد عمت شعوب ما وراء النهر فأسلموا وحسن اسلامهم ، وكان منهم العلماء العظام ، كأمثال البخاري ومسلم والنسائي مثلا .
ولا بد لنا من نظرة للعالم المسلم قبل غزو التتار ، والذي ولا شك أن العالم المحيط(الناس) كان يرقبونهه ويرون الخير في أثناءه والعجب والاحترام .
ومع السمعة الطيبة للمسلمين إلا أن الناس لا يحبون من المسلم حب التنازع على الدنيا والسلطة ، ومع هذا فقد كان الناس يكنون للمسلمين الاحترام العظيم ، فالمسلمون وحتى ولو شجر بينهم خلاف فتظل أصالة الاسلام فيهم .
والعالم المسلم ومع الامجاد التي يحققها بتقوى الله تعالى والتزام أهله دين الله تعالى ، فكان يمر بمراحل من الافتتان بالدنيا بعد النصر والغنيمة ، وكان يتولى أمر المسلمين فئة زهدت بمتاع الدنيا الفاني وكان همها رفع كلمة الله تعالى .
وقد تحقق هذا في الخوارزميين وقبل غزو المغول ، وبلغوا من التوحيد والادارة حتى رأوا أنفسهم أحق بالخليفة العباسي نفسه من الخلافة .
وعندما نشات دولة المغول وبعد سقوط الدولة القرطاخية وسقطت دولة الصين وذهب كثير من أراضيها للمغول ، فقد نظر المغول نحو المسلمين بالاحترام والصداقة ، وإقامة علاقات ودية وتبادل تجاري ومعرفي .
ولكن الخوارزميون لم ينظروا نحو المغول نظرة صائبة وواقعية ، بل كانوا ورثة أعظم دولة في عصرها ، وكان الخوارزميون من الترك كما هم المغول ، واستهانوا واستهتروا بالمغول ، بل عجب الخوارزميون من سقوط بيجين بيد المغول وبعثوا رجالا يستقصون حقيقة الأمر .
والمغول كانوا قبائل متفرقة فكثرت ، ولكنها كانت تفتقد المركزية كباقي الشعوب حولها ، فقام تيموجين بفكرة تكوين كيان مستقل وفاعل لهذه القبائل المتفرقة .
ولا يخفى على الناظر أن المغول وكغيرهم كانوا ينظرون نحو التغيرات والتقلبات السلطوية في الدولة المسمكة القوية والمجيدة ، فكانت هذا التقلبات والتنافس على السلطة ، ربما محفزا للمغول كي يكونوا قوة فاعلة ولها نفوذ وتجارة وحظ من الدنيا .
والفرق بين المغول وغيرهم ، وأن المغول كانوا طلاب سلطة وسيطرة ، !! ولكنهم افتقدوا المنهج والهدف الحكيم الذي يريدون به حكم الناس !! ، ولهذا فنرى وعندما يفشل المغول في السيطرة فهم يلجأون للقوة والبطش ، ولا يلجأون نحو الفكر والاقناع واستمالة الناس نحو نهج حكيم وحضاري ، فهم لم يكونوا يملكون مثل هذا ، فهم خرجوا من البداوة الجافية ويغمرهم حب السيطرة ولا يرون عند الحقيقة شيئا معتبرا غيره .
وتمكن المغول تحت قيادة زعيمهم الكبير الخاقان تيموجين من التوسُّع جنوبًا في شمال الصين، وفتحوا عاصمتها بكين سنة 1215 م، ثُمَّ كرُّوا على أعدائهم في الغرب وقهروا كشلو خان ملك الدولة القره خطائيَّة ، وكانت أملاكه تقع في إقليم ما وراء النهر على حُدود البلاد الإسلاميَّة . وتشير بعض المصادر على عدم وجود نوايا لجنكيز خان للتوسع في الدولة الاسلامية ، نظرًا لاستيلائه على الصين الغنية بالثروات ، عُرف عن جنكيز تشجيعه للتجارة ، وكان هدف تيموجين اقامة دولة قوية ومعتبرة على شاكلة دولة المسلمين والتي خلبت ألباب الدنيا بدينها ونصرها من الله العزيز الحكيم وفتوحاتها العظيمة ، وغزت قلوب الدنيا بدينها العظيم والعادل والرحيم ، وربما لو تعامل المسلمون بخلق مع المغول لكان المغول يدخلون في دين الله تعالى ، دون أن يعادوا المسلمين ويقتلوا الاعداد الرهيبة منهم ومن غيرهم .
ونحن نعلم أن باتو ابن كوجي ، وكوحي هو الابن لاكبر لجنكيز خان ، فكان باتوا ميالا نحو الاسلام وهو من احفاد جنكيز خان ، ثم كان بركة خان وهو أخو باتو حفيد حنكيز خان مسلما ، وبركة خان اسس القبيلى المغولية الذهبية المسلمة ، والتي حكمت معظم أراضي روسيا اليوم ، ودفّعت حكام موسكو الجزية لسنين طوال .
وكان في بلاط جنكيز خان الكثير من المسلمين من تجار وربما دعاة ايضا .
وفي البداية أراد حنكيز خان أقامة علاقات ودية مع السلطان محمد الذي كان جنكيز يعتبره ملكًا قويًا ، وخاطبة بلغة محترمة وحتة أنه ناداه بمثل لقب ابنه .
لذا، فقد قبل جنكيز أول سفير لخوارزم في بكين، وأعلن جنكيز من إلتزامه بالعلاقات الودية التجارية بين المغول والخوارزميين ، وجلب التجار المسلمون معهم بضع السلع من الأراضي الخوارزمية إلى بلاد المغول .
ونكرر أن الحفيد الآول لجنكيز خان وهو بركة خان أخو باتو كان مسلما ، ولا نهمل نظرة الاحترام والتبجيل للدولة المسلمة .
ومع جبنا وتقديرنا لسلطان محمد الخوارزمي إلا أننا نرى أن السلطان محمد قد ارتكب أخطاء ، وهذه مردها وعلمها لله تعالى ، وأول خطأ هو جرأته على الخلافة العباسية ، وميله نحو العلوية السنية ، ولكن هذه بوادر صغيرة من التشيع المهمل ، ولكن لا يجوز التهاون معه ، فدعوة الاسلام هي دعوة حق وليست دعوة رجال !!
ثم الخطأ الثاني وكان الرسول
قد حذّر منه ، فقد استهان بقوم عاشوا البداوة وفضلوها على حطام الممالك التي استعبدتها الدنيا من غير المسلمين ، وربما كان المغول قد اقتعوا بالاسلام ولكن أرادوا اعتناقه عن قوة .
ثم ولا ننسى أن الله تعالى يراقب عباده ،والله تعالى لايرضى لعباده والدين التيه في الدنيا والضياع فيها ، والله تعالى رأى فجورا لباقي المسلمين قد طغا بسب أن المسلمين تنافسوا السلطة والدنيا .
فأخرج الله أمة جافية لا يردعها سوى من كان على الحق تماما .
ومرت الايام وخرج المغول وبما كسبوا من خبرة كسبوها عن المسلمين وعن غيرهم ، وكان لجنكيز خان مستشارين وأدلاء مسلمين ، وهذا ما مكّنه من معرفة أماكن الضعف ، ومعرفة الطرق ، وكانت الوحشية التي جبل عليها المغول تجعل لهم مهابة ورهبة لمن جعل مخافة العباد مع مخافة الله تعالى .
وانتصر حنكيز خان على السلطان محمد الخوارزمي ثم سبا ابناءه وأمه ، وقتل من قتل وأبقى من أبقى .
ثم كانت ولاية العهد لجلال الدين بن السلطان محمد ، وقد انتصر السلطان جلال الدين على المغول في معركة روان انتصارا محلجلا ، ولكن كان هذا بعد هزائم وخيبات كثيرة سابقة .
ثم كان الخيبة الماحقة وبعد النصر ، وهو التنافس على الغنائم واتلدنيا فتفتت جيش جلال الدين الخوارزمي .
ثم تم اسر اسرة السلطان جلال الدين ، ومنهم ابن اخته الامير محمود ، وهو القائد المظفر قطز ، والذي بيع في الشام حتى وصل مصر !
وساح بعدها المغول في بلاد المسلمين وبعدما كان جزأ منهم قد أسلم (كالقبيلة الذهبية) ، وعاثوا قتلا ودمارا طال جل بلاد العالم وحتى بلغ وسط أوروبا .
ثم كان هولا كو هو القائد الموكل على الجزء الشرقي من الحلافة الاسلامية ، وحاصر بغداد ، وكان في قلبه تهيب من التعرض للخليفىة العباسي ، ولكن الطوسي الشيعي الخائن هون عليه هذا ، وضلله على ضلاله .
ثم كانت زوجة هولاكو نصرانية ، وكان الصليبيون يشجعون هولاكو على غزو المسلمين وحاضرتهم بغداد ، فكانت المأساة باجتياح عاصمة المسلمين وقتل خليفته ، وكانت هذه بمثابة الصاعقة على المسلمين ، حتى توقف بعض مؤرخي المسلمين عن الكتابة ووصف الحدث، كمثل بن الأثير مثلا .
ولا ننسى أن بركو خان قد خالف هولاكو وهوابن عمه عن غزو بغداد وخوفه من قتل الخليفة العباسي ، وحتى أنه ناوشه لمدة اربعة سنوات حتى يثنيه عن غزو حاضرة المسلمين ، ثم تحالف بيبرس وبركة خان بعد معركة عين جالوت لقتال مشركي المغول وادخاله في دين الله تعالى .
وبعد مضي أقل من قرن دخل أكثر المغول دين الاسلام ، ولكن الشيعة المضلون حرفوا عقائد البعض ، فسيحملون أوزارهم وأوزار من اضلوهم بعلم وبغير علم .
فالمغول هم قوم يُعّدون من الشعوب التركية ، وقد كان قسم كبير من هذه الشعوب التركية قد دخل في الإسلام وقد صار من أشد المناصرين له والمحبين .
وللحقيقة وللتاريخ وللح والواقع فإنه ومتى علم الناس بأمر هذا الدين العظيم وكنهه ورحمته للناس ورغبته الخير لهم في الدنيا والآخرة فيرغبون به اشد الرغبة ويصيرون جنودا مخلصين لله ورسوله ودينه ، وهذا يقع مع كثير من الناس وحتى يومنا هذا ، وكم من أهل الغرب قد كان معاديا للاسلام فصار من أشد مناصريه ، جزاهم الله خيرا .
وقد كان المسلمون في العقود الأولى من الهجرة قد سيطروا على بلاد واسعة من بلاد ما وراء النهر ، وقبل أن يكمل مئة عام على الهجرة كان المسلمين قد وصلوا صور الصين العظيم ودخلوا مدينة كاشغر الي تقع شمال غربي الصين ، وكان هذا على يد القائد المسلم العظيم قتيبة بن مسلم الباهلي ، وبدأ قتيبة فتوحاته عام 86 هجرية، وبعدماما ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي ولاية خراسان وهو إقليم شاسع مترامى الأطراف ، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده.
وعمل قتيبة بن مسلم على نفس خطة آل المهلب، بالضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقت للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين ،وزيادة على ذلك فكان يضع خططا طويلة الأمد . قد فتح قتيبة طخارستان السفلى فاستعادها وذلك سنة 86 هجرية ، وطخارستان السفلى هي الآن جزء من أفغانستان وباكستان.
وقاد فيها حملته الكبرى على اكثرها سكانا وأمنعها حصوناً .
واستمرت فتوحاته من سنة 91- 93 هجرية، وفيها تمكن 'قتيبة' من نشر الإسلام وتثبيته في وادى نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم 'سجستان' في إيران الآن، وإقليم خوارزم (يوجد الآن بين دول إيران وباكستان وأفغانستان) ، ووصلت فتوحاته إلى مدينة 'سمرقند' في قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائياً .
وفي سنتي 94-96 هجرية، أتم قتيبة فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة كاشغر وجعلها قاعدة إسلامية وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش إسلامية في آسيا شرقا ولم يصل أحد من المسلمين أبعد من ذلك قط .
ولا ننسى التواصل بين المسلمين وبين حاكم الصين آنذاك ، فقد وصل دين الله ودعوته إلى تلك الاصقاع منذ القرن الأول الهجري ، وكان هذا بمثابة معجزة وبلاغ عظيم للناس .
وقد كان لدعاة من المسلمين وتجارهم دعوة ونشاط في تلك البلاد ، وكانت التجارة الاسلامية وبضاعتها رائجة ومشهورة . وعندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامي في الشرق كان هناك عرقان من البشر تسكن في هذه المنطقة ، القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية ، وكان نهر المرغاب هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين ، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عدداً وأوسع انتشاراً منهم الأتراك الغزية والأتراك القراخطاى والأتراك القوقازيين والأتراك الأيجوروالأتراك البلغار والأتراك المغول . وكان لفتح قتيبة أثر كبير في إدخال الأتراك شرقي نهر المرغاب وفى بلاد ما وراء النهر في الإسلام .
وبقي حال تلك البلاد على ما هو عليه طول فترة حكم الأمويين ، ثم جاءت الخلافة العباسية والتي استعانت باالاقوام المسلمة على تولي مناطق من بلاد المسلمين تحت حكمهم وحسن دينهم ، فكان الغزنويين والذين هم من غزنة وهي بلدة تقع جنوب غرب كابول ، فتوسعوا في السند والهند في الجنوب الشرقي من الدولة الاسلامية ، ثم تلاهم الغوريين والذين أكملوا فتوحات الغزنويين
ولكالمسلمين قد خسروا مناطق اسلامية ومنها بخارى للدولة القرطاخيةالتي نشأت قبل غزو المغول ، وفي وقت نشوء الدولة الخوارزمية .
والدولة القرةطاخية هي ذات منشا من قوم رحلوا من شمال الصين وتحالفوا مع قسم من المغول وكوّنوا الدولة القرةطاخية ، وهي دولة ذات عقيدة بوذية مشركة .
وفي بداية حكم الخوارزميون فقد آثروا دفع الجزية للقرطاخيين ، وهذا وحتى يستتب لهم الوضع في المناطق المسلمة التي تحت حكمهم .
وتمكن الخوارزميون من السيطرة على باقي الأراضي الغزنوية ومدن خراسان مثل بلخ ، وتمكن السلطان محمد من هزيمة بواقي الدولة الغورية ، وافتتاح عاصمتهم غزنة سنة 609 هـ .
وفي سنة 611 هـ، تمكن من التوسع شرقًا إلى شمال السند ثم الهند .
وعندما وصل السلطان محمد إلى القدرة والتمكين فرفض أن يدفع الجزية للدولة القرةطاخية المشركة ، واشتبك جيشه ثلاثة مرات مع القره خطائيين ، وتمكن من إخراجهم من بلاد ما وراء النهر سنة 607 هـ .
وتمكن من فتح بخارى وسمرقند بمساعدة كشلو خان زعيم قبائل نايمان ، وسعى السلطان محمد الخوارزمي إلى مهاجمة دار الخلافة نفسها ، ولكن قدرة الله تعالى والعواصف الثلجية منعت من السلطان محمد من تحقيق هدفه هذا .
وفي هذه الاثناء كثر عدد القبائل المغولية ، فسعت إلى تأسيس دولة لهم وكيان معرّف .
وكان تيموجين (جنكيز خان) يؤسس دولة المغول والتتار على نسق الدول التي كانت تتكون في هذه السهوب والشعوب المتفرقة .
ووضع تيموجين دستورا لدولته الناشئة(االياسا)وهو مكون من عدة عقائد ومنها العقيدة الاسلامية ، وحتى الكتابة المغولية فنرى فيها الأثر الكبير من الخط والكتابة العربية ، وكان لجنكيز خان مسشارين وموظفين وتجار مسلمين .
فأثر الاسلام كان عظيما وفي كل شعوب العالم المجاورة وقد بلغ صيتهم الصين وما والاها .
وقد ذكرنا أن دين الله ودعوته قد عمت شعوب ما وراء النهر فأسلموا وحسن اسلامهم ، وكان منهم العلماء العظام ، كأمثال البخاري ومسلم والنسائي مثلا .
ولا بد لنا من نظرة للعالم المسلم قبل غزو التتار ، والذي ولا شك أن العالم المحيط(الناس) كان يرقبونهه ويرون الخير في أثناءه والعجب والاحترام .
ومع السمعة الطيبة للمسلمين إلا أن الناس لا يحبون من المسلم حب التنازع على الدنيا والسلطة ، ومع هذا فقد كان الناس يكنون للمسلمين الاحترام العظيم ، فالمسلمون وحتى ولو شجر بينهم خلاف فتظل أصالة الاسلام فيهم .
والعالم المسلم ومع الامجاد التي يحققها بتقوى الله تعالى والتزام أهله دين الله تعالى ، فكان يمر بمراحل من الافتتان بالدنيا بعد النصر والغنيمة ، وكان يتولى أمر المسلمين فئة زهدت بمتاع الدنيا الفاني وكان همها رفع كلمة الله تعالى .
وقد تحقق هذا في الخوارزميين وقبل غزو المغول ، وبلغوا من التوحيد والادارة حتى رأوا أنفسهم أحق بالخليفة العباسي نفسه من الخلافة .
وعندما نشات دولة المغول وبعد سقوط الدولة القرطاخية وسقطت دولة الصين وذهب كثير من أراضيها للمغول ، فقد نظر المغول نحو المسلمين بالاحترام والصداقة ، وإقامة علاقات ودية وتبادل تجاري ومعرفي .
ولكن الخوارزميون لم ينظروا نحو المغول نظرة صائبة وواقعية ، بل كانوا ورثة أعظم دولة في عصرها ، وكان الخوارزميون من الترك كما هم المغول ، واستهانوا واستهتروا بالمغول ، بل عجب الخوارزميون من سقوط بيجين بيد المغول وبعثوا رجالا يستقصون حقيقة الأمر .
والمغول كانوا قبائل متفرقة فكثرت ، ولكنها كانت تفتقد المركزية كباقي الشعوب حولها ، فقام تيموجين بفكرة تكوين كيان مستقل وفاعل لهذه القبائل المتفرقة .
ولا يخفى على الناظر أن المغول وكغيرهم كانوا ينظرون نحو التغيرات والتقلبات السلطوية في الدولة المسمكة القوية والمجيدة ، فكانت هذا التقلبات والتنافس على السلطة ، ربما محفزا للمغول كي يكونوا قوة فاعلة ولها نفوذ وتجارة وحظ من الدنيا .
والفرق بين المغول وغيرهم ، وأن المغول كانوا طلاب سلطة وسيطرة ، !! ولكنهم افتقدوا المنهج والهدف الحكيم الذي يريدون به حكم الناس !! ، ولهذا فنرى وعندما يفشل المغول في السيطرة فهم يلجأون للقوة والبطش ، ولا يلجأون نحو الفكر والاقناع واستمالة الناس نحو نهج حكيم وحضاري ، فهم لم يكونوا يملكون مثل هذا ، فهم خرجوا من البداوة الجافية ويغمرهم حب السيطرة ولا يرون عند الحقيقة شيئا معتبرا غيره .
وتمكن المغول تحت قيادة زعيمهم الكبير الخاقان تيموجين من التوسُّع جنوبًا في شمال الصين، وفتحوا عاصمتها بكين سنة 1215 م، ثُمَّ كرُّوا على أعدائهم في الغرب وقهروا كشلو خان ملك الدولة القره خطائيَّة ، وكانت أملاكه تقع في إقليم ما وراء النهر على حُدود البلاد الإسلاميَّة . وتشير بعض المصادر على عدم وجود نوايا لجنكيز خان للتوسع في الدولة الاسلامية ، نظرًا لاستيلائه على الصين الغنية بالثروات ، عُرف عن جنكيز تشجيعه للتجارة ، وكان هدف تيموجين اقامة دولة قوية ومعتبرة على شاكلة دولة المسلمين والتي خلبت ألباب الدنيا بدينها ونصرها من الله العزيز الحكيم وفتوحاتها العظيمة ، وغزت قلوب الدنيا بدينها العظيم والعادل والرحيم ، وربما لو تعامل المسلمون بخلق مع المغول لكان المغول يدخلون في دين الله تعالى ، دون أن يعادوا المسلمين ويقتلوا الاعداد الرهيبة منهم ومن غيرهم .
ونحن نعلم أن باتو ابن كوجي ، وكوحي هو الابن لاكبر لجنكيز خان ، فكان باتوا ميالا نحو الاسلام وهو من احفاد جنكيز خان ، ثم كان بركة خان وهو أخو باتو حفيد حنكيز خان مسلما ، وبركة خان اسس القبيلى المغولية الذهبية المسلمة ، والتي حكمت معظم أراضي روسيا اليوم ، ودفّعت حكام موسكو الجزية لسنين طوال .
وكان في بلاط جنكيز خان الكثير من المسلمين من تجار وربما دعاة ايضا .
وفي البداية أراد حنكيز خان أقامة علاقات ودية مع السلطان محمد الذي كان جنكيز يعتبره ملكًا قويًا ، وخاطبة بلغة محترمة وحتة أنه ناداه بمثل لقب ابنه .
لذا، فقد قبل جنكيز أول سفير لخوارزم في بكين، وأعلن جنكيز من إلتزامه بالعلاقات الودية التجارية بين المغول والخوارزميين ، وجلب التجار المسلمون معهم بضع السلع من الأراضي الخوارزمية إلى بلاد المغول .
ونكرر أن الحفيد الآول لجنكيز خان وهو بركة خان أخو باتو كان مسلما ، ولا نهمل نظرة الاحترام والتبجيل للدولة المسلمة .
ومع جبنا وتقديرنا لسلطان محمد الخوارزمي إلا أننا نرى أن السلطان محمد قد ارتكب أخطاء ، وهذه مردها وعلمها لله تعالى ، وأول خطأ هو جرأته على الخلافة العباسية ، وميله نحو العلوية السنية ، ولكن هذه بوادر صغيرة من التشيع المهمل ، ولكن لا يجوز التهاون معه ، فدعوة الاسلام هي دعوة حق وليست دعوة رجال !!
ثم الخطأ الثاني وكان الرسول

ثم ولا ننسى أن الله تعالى يراقب عباده ،والله تعالى لايرضى لعباده والدين التيه في الدنيا والضياع فيها ، والله تعالى رأى فجورا لباقي المسلمين قد طغا بسب أن المسلمين تنافسوا السلطة والدنيا .
فأخرج الله أمة جافية لا يردعها سوى من كان على الحق تماما .
ومرت الايام وخرج المغول وبما كسبوا من خبرة كسبوها عن المسلمين وعن غيرهم ، وكان لجنكيز خان مستشارين وأدلاء مسلمين ، وهذا ما مكّنه من معرفة أماكن الضعف ، ومعرفة الطرق ، وكانت الوحشية التي جبل عليها المغول تجعل لهم مهابة ورهبة لمن جعل مخافة العباد مع مخافة الله تعالى .
وانتصر حنكيز خان على السلطان محمد الخوارزمي ثم سبا ابناءه وأمه ، وقتل من قتل وأبقى من أبقى .
ثم كانت ولاية العهد لجلال الدين بن السلطان محمد ، وقد انتصر السلطان جلال الدين على المغول في معركة روان انتصارا محلجلا ، ولكن كان هذا بعد هزائم وخيبات كثيرة سابقة .
ثم كان الخيبة الماحقة وبعد النصر ، وهو التنافس على الغنائم واتلدنيا فتفتت جيش جلال الدين الخوارزمي .
ثم تم اسر اسرة السلطان جلال الدين ، ومنهم ابن اخته الامير محمود ، وهو القائد المظفر قطز ، والذي بيع في الشام حتى وصل مصر !
وساح بعدها المغول في بلاد المسلمين وبعدما كان جزأ منهم قد أسلم (كالقبيلة الذهبية) ، وعاثوا قتلا ودمارا طال جل بلاد العالم وحتى بلغ وسط أوروبا .
ثم كان هولا كو هو القائد الموكل على الجزء الشرقي من الحلافة الاسلامية ، وحاصر بغداد ، وكان في قلبه تهيب من التعرض للخليفىة العباسي ، ولكن الطوسي الشيعي الخائن هون عليه هذا ، وضلله على ضلاله .
ثم كانت زوجة هولاكو نصرانية ، وكان الصليبيون يشجعون هولاكو على غزو المسلمين وحاضرتهم بغداد ، فكانت المأساة باجتياح عاصمة المسلمين وقتل خليفته ، وكانت هذه بمثابة الصاعقة على المسلمين ، حتى توقف بعض مؤرخي المسلمين عن الكتابة ووصف الحدث، كمثل بن الأثير مثلا .
ولا ننسى أن بركو خان قد خالف هولاكو وهوابن عمه عن غزو بغداد وخوفه من قتل الخليفة العباسي ، وحتى أنه ناوشه لمدة اربعة سنوات حتى يثنيه عن غزو حاضرة المسلمين ، ثم تحالف بيبرس وبركة خان بعد معركة عين جالوت لقتال مشركي المغول وادخاله في دين الله تعالى .
وبعد مضي أقل من قرن دخل أكثر المغول دين الاسلام ، ولكن الشيعة المضلون حرفوا عقائد البعض ، فسيحملون أوزارهم وأوزار من اضلوهم بعلم وبغير علم .